وفتَحنا فإذ بضاربة المندل وقارئة الفنجان تحييني وتجلس أمام الباب فاردة عدتها السحرية المكونة من خرقة وعدة صدَفات، وبالطبع لم أتجرأ على دعوتها بالدخول كي لا تتهمني باستدراجها إلى فخ غرامي، صنعتُ القهوة وجلست، شربنا على أنغام مستقبلي المؤسف وأزماني التي ولَّت، وقلنا آه وآخ شي عشر مرات، وعلواه شي عشرين مرة، اختلطت الجروح والقروح بالتمنيات، واستنفدت طاقتها الآهات، وسارت في قعر الفنجان الكلمات، وتبعثرت الجُمَلُ بين الصدَفات، وفي نهاية المطاف، قررَتْ أن طريقي طويل، ومشواري بعيد، مع أنو كنت طالع لأوتيل الشام، وتدحرجنا على الدرج أنا والسيدة الفلكية،
هي مضت شمالاً، وأنا اتخذت الجنوب دربي، ماضياً في مشواري القريب، وكما أسلفنا سابقاً فلقد عانينا ونحن نقطع شارع 29 أيار، ووصلنا إلى هدفنا بسلام وعدنا، وعانينا من جديد في التقطيع، سيارة ضخمة تأتي مسرعة وكأنه ما في مشاة، وامرأة تجتاز ببطء وبرود وكأنه ما في سيارة ط**رة على شبه الأوتوستراد، ونخَّ الشوفير، وأبطأ السرعة، وأكملت المرأة الحديدية اجتياز النصف الثاني من الجحيم، وسركلتُ صوب بيتي، صعدت الرصيف ونزلته أكثر من عشر مرات بسبب تراكم السيارات، وفكرتُ أنو بزنس منيح لو يعملوا الرصيف بالمصاري، ويحطوا على كل بداية ونهاية رصيفية عدادات تزمِّر وتلم عليك الشرطة والجيران معاً، شخص هارب من وجه العدالة لم يدفع أجرة سيره على الرصيف، وها أنت في الشارع أمام مدخل بنايتك، ولكنك لا تستطيع الدخول، شاحنة بالعرض عالية مكتوب عليها آيس كريم بعز الشتاء، وسيارة خاصة وجدت لها صفةً بالطول ملتصقة بالشاحنة تماماً، وسيارة أ**’ صافة بشكل طولي مائل ببوزها لاصقت الشاحنة ومنعتك من الدخول، أنا محاصر خارج المنزل، وقفزتُ من فوق السيارة ماسحاً ببنطالي الغبار، وصوت الجار: انزل من عالسيارة يا حباب.
مقتبس